"عيد بلا لحوم".. ارتفاع الأسعار يغلب على الاحتفالات بعيد الأضحى في الدول العربية

في ظل ظروف اقتصادية خانقة

"عيد بلا لحوم".. ارتفاع الأسعار يغلب على الاحتفالات بعيد الأضحى في الدول العربية

يبدو أن الأجواء الصيفية الحارة في الدول العربية انعكست على أسعار اللحوم والسلع المرتبطة بعيد الأضحى المبارك، لتبشر بقضاء عيد ساخن تحت وطأة ارتفاع الأسعار في المنطقة.

ويأتي الاحتفال بعيد الأضحى هذا العام، تحت ضغوط اقتصادية وسياسية محلية ودولية تطول جميع الدول العربية، أبرزها ارتفاع معدلات التضخم والأسعار، ولجوء آلاف السودانيين بسبب التوترات السياسية، واستمرار أزمة الحرب الروسية الأوكرانية.

وهيمن الحديث عن ارتفاع أسعار اللحوم والأضاحي والسلع المرتبطة بعيد الأضحى، على منصات التواصل الاجتماعي في معظم الدول العربية. 

وشهدت أسعار العجول واللحوم الحمراء المجزأة ارتفاعا غير مسبوق في الدول العربية خلال الفترة الماضية.

وبحسب تقارير إعلامية محلية، ارتفعت أسعار اللحوم الكندوز والبتلو والضاني في السعودية ومصر والبحرين وتونس والجزائر ولبنان والسودان واليمن وقطر وفلسطين.

كما شهدت أيضا أسعار اللحوم المستوردة "المجمدة" ارتفاعا كبيرا، بعد أن ظلت لسنوات ملاذا للفقراء والشرائح الاجتماعية الدنيا، حيث سجلت أسعارا مقاربة للحوم الطازجة.

فيما سعت بعض الدول إلى مواجهة غلاء أسعار اللحوم الطازجة من خلال استيراد اللحوم المجمدة من البرازيل وتشاد والنيجر لطرحها، في منافذها الاستهلاكية بأسعار منخفضة نسبيا.

وخلال العام الحالي، قفز سعر الدولار أمام العملات المحلية في معظم الدول العربية، أبرزها مصر وتونس ولبنان وليبيا واليمن والسودان، ما ضاعف من أسعار السلع والمنتجات الغذائية وغير الغذائية في البلاد.

ارتفاع الأسعار

وتداول رواد منصات التواصل الاجتماعي، الحديث عن آثار ارتفاع أسعار الكثير من السلع في الدول العربية، بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية المدفوعة بارتفاع معدلات التضخم، وسط مطالبة حكومات البلدان بالتدخل لضبط الأسعار وتدفق السلع بالأسواق.

فيما كانت معظم التغريدات تؤكد أن العالم بعد فيروس كورونا وحرب روسيا على الأراضي الأوكرانية يعيش في الغلاء وليست الدول العربية وحدها.

وقال أحمد عبد القاسم عبر حسابه على تويتر: "كلها بتعاني ومش السبب الرئيس ولا الحكومة لأنها أزمة عالمية، إنما نحمد ربنا أن كل شيء متوفر حتى لو غالي تقدر تعيش على قد دخلك، إنما لو مفيش (لا توجد) المواد متوفرة وقتها هتقول تكون موجودة وغالية مش مشكلة".

فيما أوضح حساب سعودي باسم صالح العجمي عبر تويتر، قائلا: "المشكلة أن أغلب السلع محتكرة من أجانب هنود ويمنيين، وهؤلاء من أدخلوا الغلاء في السعودية".

وقال أبو فراس بدر عبر تويتر: "الغلاء في السعودية جعل الأسعار مثل أوروبا باليورو فعلا، لكن للأسف كله مستورد مرتفع حتى الأغراض التي من صناعتنا مرتفعة مثل البنزين".

بدورها دونت مريم السوبيعي عبر تويتر قائلة: "لا نستجدي راتبا إضافيا.. نطالب بحقوقنا في رفع الرواتب لارتفاع المعيشة.. الغلاء فاحش في قطر على ماذا؟!!".

وتابعت السوبيعي: "صرنا نعيش على السلفيات وبطاقات الائتمان.. كل شهر نقول هالشهر بتترتب أمورنا وتزيد الرواتب، لكن للأسف لا يوجد أحد مهتم بالمواطن العادي، المواطن الأجنبي عايش أحسن من القطري ومحسوبين أننا في أغنى دولة".

ودشن العديد من المغردين هاشتاغ (وسما) باسم: "الغلاء المعيشي في قطر"، إذ طالب البعض الحكومة القطرية بصرف علاوة لغلاء المعيشة للموظفين العموميين. 

فيما أكد العديد من المغردين العرب عبر منصات التواصل، إحجامهم عن شراء اللحوم بعد ارتفاع أسعارها، واستبدالها بشراء الطيور والأسماك، خاصة مع وصول سعر اللحم الأحمر إلى مستويات غير مسبوقة.

ويلجأ العديد من المسلمين إلى التحايل على ارتفاع أسعار العجول والماشية في بلدانهم، بالاشتراك في ذبح الأضحية لتقسيم ثمنها على أكثر من فرد، والذي يحدد سعره وفق العمر والوزن والحالة الصحية للماشية.

ووفق الفتاوى الإسلامية، فإن الاشتراك في الأضحية بشرطين: أولهما أن تكون الذبيحة من جنس الإبل أو البقر ولا يجوز الاشتراك في الشياه، والثاني هو البدنة أو البقرة تجزئ عن سبعة بشرط ألا يقل نصيب كل مشترك عن سُبع الذبيحة.

الإقبال على المتنزهات 

وعادة ما يقبل المواطنون في الدول العربية على السفر للمحافظات أو المقاطعات الساحلية والحدائق والمتنزهات لقضاء إجازة عيد الأضحى، لكن لم تعد المتنزهات والمقاهي تشهد ذلك الزخم من المترددين عليها مثلما كان يحدث في كل عام، بسبب ارتفاع أسعار المشروبات والوجبات الغذائية، وفق تقارير إعلامية محلية.

وباتت معظم الأسر العربية تكتفي بالخروج ليوم واحد أو قضاء يوم على أحد الشواطئ "day use" في رحلات جماعية لتقليل التكلفة المالية لبند السفر والتنزه خلال أيام عيد الأضحى.

فيما تكتفي أسر عربية عدة خصوصاً في القرى والأرياف والمناطق الزراعية بزيارة الأهل والأقارب للتهنئة بالعيد، فيما تذهب أسر أخرى لقضاء أيام العيد على الشواطئ الأقل تكلفة.

الإقبال الشرائي

بدوره عزا رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية بمصر الدكتور إيهاب الدسوقي، أسباب ارتفاع معدل التضخم في مصر إلى عدة عوامل أبرزها ارتفاع سعر الدولار أمام العملة المحلية.

وأضاف الدسوقي، في تصريح خاص لـ"جسور بوست": "كما نعلم أن معظم استهلاكنا استيراد من الخارج، وكلما ارتفع سعر الدولار ارتفعت أسعار السلع المستوردة والمحلية أيضا". 

وأوضح أن معظم التجار في مصر يرفعون الأسعار حتى لو لم يقتضِ الأمر ذلك، للحفاظ على هامش الربح والدخل في ظل ارتفاع الأسعار المصاحب لتعويم العملية المحلية.

وأكد الخبير الاقتصادي أن معظم السلع المحلية تتضمن خامات أو آلات مستوردة من الخارج، ما يؤثر عليها سعر صرف الدولار، ولذلك يزداد معدل التضخم يوما بعد يوم، ويؤثر بدوره على جميع الأسر المصرية حتى القادرين ماديا.

وتابع: "من ناحية أخرى فإن ارتفاع الأسعار يؤثر على الدخل الحقيقي للمواطنين، وبالتالي يؤثر على نمط الاستهلاك والاستغناء عن بعض السلع الأساسية وليست الترفيهية فقط".

ومضى قائلا: "تقلصت معدلات الإقبال على الشراء نظرا لانخفاض الدخل الحقيقي وارتفاع الأسعار، وهو الأمر الذي يظهر بوضوح في تراجع الطلب على شراء السلع المرتبطة بعيد الأضحى سواء الأضحية أو الملابس وغيرها.

امتزاج الفرح بالحزن

من جانبه قال رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، النائب جمال زحالقة، إن مشكلة الأسعار الرئيسية في الأراضي الفلسطينية هي الارتباط بالاقتصاد الإسرائيلي، تبعا لاتفاقية باريس الملحقة باتفاق أوسلو 1993.

وأضاف زحالقة في تصريح لـ"جسور بوست" أن "معدّل الدخل في الضفة الغربية هو خمس المعدل في إسرائيل، وفي غزّة حوالي العشر، هذا من ناحية الدخل، أما الأسعار فمعظمها تتحدد وفق السوق الإسرائيلية، خاصة أن الغلاف الجمركي واحد".

تابع: "وفي حين أن إسرائيل بسبب قوة اقتصادها تستطيع التعايش مع ارتفاع الأسعار، فإن هذا الارتفاع هو كارثة في الأراضي الفلسطينية، التي تعاني في السنوات الأخيرة من تراجع في الدخول الشهرية والأحوال الاقتصادية بشكل عام".

ومضى قائلا: "ارتفاع الأسعار هو غمامة سوداء تعتم على فرحة الفلسطينيين بقدوم عيد الأضحى المبارك، فالعائلة الفلسطينية تنشغل بكيفية توفير الاحتياجات الأساسية، حيث يمتزج الهم والغم بفرح العيد".

وعادة ما تفشل حكومات بعض الدول العربية في ضبط الأسعار والأسواق، نظرا لعدم تفعيل الرقابة على تدفق السلع الغذائية في الأسواق وتراخي الموظفين العموميين في أداء دورهم في الزيارات الدورية لمنافذ البيع، والفراغ التشريعي لمواجهة الغش التجاري وجشع التجار".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية